آخر الاخبار
لا تغتالوا الوحدة مرتين
بقلم/ منير العمري
نشر منذ: 13 سنة و أسبوع و يومين
الأحد 11 ديسمبر-كانون الأول 2011 09:43 م

في الوقت الذي تتجه فيه دول العالم المتحضر للوحدة وتكوين تكتلات أكبر ، تنضوي تحتها مجموعة من الدول، لمواجهة التحديات المعاصرة، إذ بنا نسمع أصواتا هنا وأخرى هناك تدعو تارة لفك الإرتباط وتارة أخرى لإستحداث نظام فيدرالي في اليمن من إقليمين: إقليم الشمال وإقليم الجنوب.

عمليا المشكلة ليست في النظام الفيدرالي فهذا النظام تقوم على أساسه عددا لا بأس به من الدول في أرجاء المعمورة وهذا النظام أثبت فاعليته، لكن المشكلة تكمن في اليمن في الطريقة التي يسعى مروجو هذا النظام إبتداعها في اليمن كونهم يدعون لتقسيم البلد إلى اقليمين فقط أحداهما شمالي والأخر جنوبي.

طبعا قد يقول قائل وما المشكلة إن كنت وغيرك لا تمانعون في تطبيق الفيدرالية في اليمن، أقول أن المشكلة الحقيقية تكمن في إشتراط دولة فيدرالية بنظام إقليمين وأقليمين فقط (شمال وجنوب). وهذا لعمري مطلب حق يراد به باطل وإلا لكانوا قالوا مثلا بتقسيم البلد إلى ثلاثة أو خمسة أقاليم أو إقليمين بحيث تتماهي فيه و تختفي ملامح التشطير والعودة بالبلد لما قبل الثاني والعشرون من مايو 1990م.

هذا أن كان مريدو هذا النظام يؤمنون فعلا بالفيدرالية كحل لإخراج اليمن من عنق الزجاجة. يجب أن تراعي الفيدرالية مسألة الموارد وتوزيع الثروات كي لا تكون حكرا على إقليم دون غيره وبطريقة تسمح لهذه الأقاليم بالتنافس والتكامل في ذات الوقت. 

عود على موضوع الوحدة التى أغتيلت في المرة الأولى على يد الرئيس سيء الصيت والسمعة على صالح، والتي لا نريد لها أن تغتال مرة أخرى. المشكلة ليست في الوحدة والحل أيضا ليس في الإنفصال المقنع بالفيدرالية الكاذبة! الزمن الآن زمن الأقوياء: زمن الكبار. لم يعد فيه مكان للضعفاء واليمن كبير بوحدته. هذا المنطق ينطبق على الدول كما ينطبق على الشركات التي تندمج أو تشكل تحالفات عابرة للحدود حتى تزيد من حصصها السوقية.

يحسب للرئيس على سالم البيض إيمانه المطلق بالوحدة وهو للإمانة والإنصاف وللتاريخ أيضا هو صانع الوحدة الحقيقي وليس الأفاق على صالح والذي ليس له من الأمر إلا وضع توقيعه بصفته رئيسا لما كان يعرف بالجمهورية العربية اليمنية. وبالمناسبة هذا رأيي في موضوع الوحدة وموضوع موقع الرئيس البيض من تحقيقها من زمن بعيد وهذا الكلام يعرفه كل أصدقائي وإن كنت قد أختلفت مع ما ذهب إليه في مايو 2009م حين خرج علينا وقتها مناديا بالإنفصال.

الرئيس البيض حقق الوحدة وعليه أن يفاخر بذلك وعليه الآن أن لا يتنكر لها، بل عليه أن يدافع عليها حتى وإن تنكر له الناس بعد إعلانه الإنفصال في لحظة ضعف. ربما الرجل، بدافع الغبن والظلم الذي لحقه ولحق أخواننا في الجنوب ، ضل الطريق. فبدلا من أن ينتقم من الشخص الذي أساء له وأساء للوحدة تولى نحو الوحدة ليغمد فيها خنجره وهذا أمر غير محمود.

الوحدة ليست خطيئة حتى تحاول أن تتبرأ منها، والعار كل العار أن لا تدافع عنها وتتخلى عنها بمجرد تعرضك أنت ورفاقك لما تعرضت له في السنين القليلة التي تلت العام 1990م. الوحدة هي بنت شرعية وتتويجا رائعا لنضالات الشعب اليمني في الشمال والجنوب ونتاج جهد حقيقي لرجال أوفياء من اليمن شماله وجنوبه ومنهم، بل على رأسهم، السيد على سالم البيض.

ها هو التاريخ وها هي ثورة الشباب السلمية تعيد للوحدة ألقها ومعناها الحقيقي وتنصف وتعيد الإعتبار للرئيس البيض والتاريخ وحده كفيل بأن يسجل من هو الشخص الحقيقي الذي سعى للوحدة وعمل كل ما في وسعه عمله في سبيل تحقيقها.

ربما يجب أن يتكلم الناس الآن عن تصحيح مسار البلد وليس تصحيح مسار الوحدة. فها هي الثورة الشبابية الشعبية السلمية قد أتت وحققت ما عجزت عن تحقيقه الأحزاب السياسية لعقدين من الزمان وعلينا جميعا في البلد، وبخاصة الصامتين، إسناد ثورة الشباب والوقوف في صفها حتى تحقق كامل أهدافها المتمثلة في أسقاط نظام الرئيس المخلوع على صالح وكل أزلامه وإقامة دولة العدالة والمساواة والقانون – دولة المؤسسات. بعدها يمكننا العمل جميعا وبروح الفريق الواحد على حل كل المشاكل العالقة والملحة كقضية الجنوب ومشاكل صعدة و القاعدة وغيرها كثير.

الوحدة يجب أن تعطى الفرصة والفرصة الكافية وستثبت الأيام بأن الوحدة هي فأل خير لليمن واليمنيين.

سيداتي سادتي مشكلة اليمن ليست في الوحدة. مشكلة اليمن تلخصت وتتلخص في نظام حكم جاهل فاسد ومستبد.

مشكلة اليمن تتخلص في نظام عائلي عفن وشعب ساذج كذب عليه الإعلام الرسمي طويلا وجعله يصدق بأن على صالح هو صانع الإعجاز والإنجاز وهو في الحقيقة لم يكن أكثر من مدعٍ أفاق جير البلد وما فيها لصالحه وصالح العائلة وباع ترابها وأرضها وسمائها وقتل خيرة ابنائها وبناتها. لم يتورع يوما عن نهب البلد والأستحواذ على خيراته ومقدراته وتركير السلطة في يد فئة قليلة لا تتعدى حدود العائلة وقلة قليلة من الممالئين له ولعائلية والساكتين عن حق الشعب المظلوم الذي مات جوعا وذلا في الوطن وعلى حدود دول الجوار.

ليس هذا فحسب، بل أنه صور البلد بأبشع صورة وصور اليمن، البلد الأصيل وشعبه الكريم، على أنها منبع الإرهاب وبأن اليمنيين إرهابيون وقتله. أثقل كاهل الوطن والمواطنيين بالإزمات المختلفة التي خلقها ما زال يخلقها، ولم يكتفي بذلك بل أنه قضى على ما تحقق خلال العقود الماضية على يد الأشقاء والأصدقاء ليعيد البلد عشرات السنين إلى الوراء.

مشكلة اليمن، سيداتي سادتي، هي مشكلة إدارة لا غير. وعلينا اليوم كيمنيين أن نتكاتف لإخراج اليمن مما هي فيه ولنضعها على الطريق الصحيح من خلال العمل على إنجاز باقي أهداف الثورة وحل مشاكل البلاد المختلفة والقضاء على الفساد في مفاصل الدولة المختلفة وتعميق روح الأخوة والمواطنة الحقة والمساواة والعدل ومحاسبة الفاسدين وإرجاع الأمور إلى نصابها.

حفظ الله اليمن وأهله من كل مكروه