الحراك السلمي ومؤامرة المرتزقة
بقلم/ وسيم شميس
نشر منذ: 13 سنة و أسبوع و يومين
الأحد 11 ديسمبر-كانون الأول 2011 09:31 م

لا يختلف اثنان بأن تصوير الحراك النضالي السلمي في جنوب الوطن على أنه مرتبط بالقاعدة هو من صنع نظام المخلوع علي صالح والهدف في ذلك إشراك قوى عالمية في عملية ضرب هذا الحراك السلمي القوي الذي يناهض سياسة تخريب البلاد الممارسة من قبل بقايا نظامه ، ولكن ما لم يدر بخلدنا رغم علمنا المُسبق أن القاعدة هي صناعة سلطوية بامتياز هو وجود تحالفت معه في الجنوب لضرب الحراك من داخل البيت الجنوبي حين عجز نظامه عن الاستجابة لمطالب الشراكة الوطنية وحق أبناء الجنوب في السلطة والثروة كشركاء في تحقيق الوحدة وما حدث مؤخراً في ساحة الحرية (كريتر) وبإيعاز وتسهيل من جهات استخبارتية معروفة بالاسم يُثبت ويؤكد بجلاء هذا الطرح ليوظف من يُطلق عليهم فصيل حراك (فك الإبتقاط) الممول من القصر الجمهوري في عملية إرباكية للحراك السلمي وشرعنة دعوى وجود إرهابيين فيه ليستخدم ذاكرته القديمة الثأرية المتصارعة ككرت جديد للإحراق ، والغريب أن الفصيل سالف الذكر كغيره من التيارات السياسية الموجودة على الساحة الجنوبية بدأ حركته بخطاب التسول ليُطالب جهابذته ببعض العمولات لتتويج أفكارهم وطموحاتهم الصبيانية والمثيلية ، ورغم أن عرائض أخرى قدمتها تيارات خالفتهم في أطروحاتها ومنهجها إلاّ أن حركة الرفاق المندسة دخلت حينها مرحلة انتظار زادت عن سنتين منذ 2007م ، وجاءت فرصتها الذهبية مطلع عام 2011 حيث اشتد ساعدها بمؤازرة أوباش النظام الإجرامي التي فتحت لها المجال للبروز الإعلامي ووفرت لها المنابر في الداخل والخارج وأصبحت ذراعاً للسلطة في حروبها الكثيرة التي تلت مرحلة انفجار الاحتجاجات على الساحة اليمنية، وانتقل هؤلاء الرفاق من مرحلة التقية والمواربة في الخطاب الشططي واستحضار مفردات تنفي عنهم هويتهم الحقيقية إلى مرحلة علنية يستحضرون فيها فكرهم وتوجهاتهم دون تمييع حتى أنهم وجدوا في مواقع الانترنت المحمية مكاناً آمناً يستطيعون من خلاله إسقاط مصطلح الحراكيون الأحرار على أنفسهم وفكرهم بعد أن زالت المخاطر السابقة وعملية الإقصاء التي مارسها ضدهم من خالف مشروعهم وتوجهاتهم من العقلاء داخل أروقة الحراك السلمي ، ونعتقد اليوم أن هذا التيار قد خرج من مرحلة التسول السابقة من خلال تفعيل البيانات والعرائض إلى مرحلة التوسل للقيادة عن طريق شن هجمات عنيفة على معارضي الدولة من تيارات سياسية أخرى مروراً بأشخاص ينتقدون النظام في الداخل والخارج فيتوسل جهابذة منظرو المصطلح البريطاني القديم الجديد والفضفاض (الجنوب العربجي) حد زعمهم اليوم إلى السلطة ويقترب منها إذ أنه يتبنى مشروعها في اللحظة التاريخية الحالية فهو يعادي من عاداها ويهيم بمن تهيم به ويظهر ذلك من خلال خطابهم الإعلامي في قناة (عدن لفايف) المنبر المتاح لمثل هذا الخطاب والممول من قبل رموز معروفة في الهرم السياسي ، وبينما هي تعيش حالة انتظار صعبة وربما طويلة نجدها تنغمس في عملية جلد دائمة ومستمرة للمجتمع وتياراته التي تقف في طريق مشروعها مستعينة بمصطلحات التصنيف التي تخترعها وتسقطها على أعدائها بل ويتمرسون في استعمال اللغة والأسماء التي تستحضر العنف الفكري واللغوي دون أن ترفع السلاح كما فعلت تيارات أخرى في معركتها مع النظام لتنزع الشرعية عن تيارات سياسية لم تقبل بمشروعها ، فالجنوبي الإخونجي والجنوبي المولَد مرادفات لها خلفيات ودلالات ذات عنف لغوي يجعلها تضرب عصفورين بحجر واحد ، فمن جهة يستحضر المصطلح ماهية الهجين الداخل ومن جهة أخرى يستحضر فزاعة الإيديولوجية القاسية المسقطة على واقع متغير بالإضافة إلى عدم المرونة السلسة.. ومن باب التوسل الحاصل نجد أن هذا التيار قد حصر معركته في محاور محددة واستطاع هؤلاء أن يوزعوا الأدوار على بعضهم البعض فمنهم من هو متخصص برصد المجال الديني وتتبع تطوره وتجاوزاته ومنهم من نذر نفسه مدافعاً عن حقوق المرأة ومنهم من تخصص في تشريح النسيج القبلي وإدانته ومنهم من استمات في الدفاع عن هلوسات القيادات الدموية في الخارج ومنهم من بقي في مرتبة المشاة المنتظرين قضية جديدة يثيرها عندما تتاح الفرصة وكلهم يتبنى النقد المتسول وينتظر المخلص ليفاجئهم بقرارات ومكارم وتوصيات وأوامر سامية.

 وإن بحثنا عن شخصية فذة قادرة على صياغة تصور جريء للمستقبل السياسي والإصلاح الحقيقي فلن نجد إلاّ اجتراراً لمواقف قديمة تجاوزتها التحولات التاريخية فتجدهم يرفضون القبلية ويمارسون الحب المفرط تجاه حكم المشيخة والسلطنة ويعادون المناطقية ويستحضرون مصطلح التسامح والتصالح رغم أن العطار لا يصلح ما أفسده الدهر قط ، ناهيك عن كونهم مفرطون في إقصائهم للآخر وتمجيدهم لفلكلورهم الطوبجي فيعترضون على تصنيفات معارضيهم وهم من يبتكر مصطلحات التصنيف التي لم يسلم منها أحد.

نعم إنهم ينكرون الأيديولوجية على الآخرين ولا ينتبهون لإيديولوجية التوسل والتسول المتأصلة في فكرهم وممارستهم ، فعلاقتهم اللوجستية مع السلطة جعلتهم يدخلون في علاقة متشنجة مع المجتمع الجنوبي وأطيافه المختلفة والمتباينة ومن الصعب عليهم أن يخرجوا من حالة التشنج طالما أنهم غير مستعدين للنظر والتمحيص في حالة التذبذب التي يفرضها المشروع الارتزاقي ، وبهكذا فرضية فإن السلطة السياسية التابعة لعائلة نظام الإجرام الاحمري الدموي توهم نفسها بأنها تواجه حالة انفصال حيث يوجد تيار إنتهازي يدور حول ذاته ويعاني من ترسبات تاريخية وفكرية و للسلطة مسؤولية في تغذية هذه الترسبات بل حتى التعجيل في تبلورها بدليل أنها استطاعت أن ترفع بعض الشرائح الاجتماعية إلى درجات عليا في الهرم الاجتماعي مقابل الولاء المُطلق لها ولسياستها ولو بالخفاء وجعلتهم يمارسون عنصرية جديدة تجاه المجتمع وخاصة أنها كانت محرومة في السابق من أي تأثير على المجتمع بل كانت هي نفسها معدومة التأثير والقوة فمن كان في مؤخرة السلم أصبح اليوم من علية القوم خاصة أنها أثبتت ولاؤها للنظام ثابتاً لا تهزه ولاءات أخرى ، وهذه الظاهرة ليست بالجديدة بل هي مرتبطة تاريخياً بعائلة النظام الإجرامي في الشمال والتي تفرض سلطتها على شرائح قد تتململ من الهيمنة المركزية فتلجأ دوماً إلى العناصر الضعيفة اجتماعياً ومادياً في السابق لتستغلها في تثبيت دعائم سلطتها المتأرجحة ويكون هؤلاء أكثر الموالين للنظام الجديد بسبب تاريخ التهميش الذي تعرضوا له في السابق وأظن أن القارئ الحصيف يعرف ما يقصده كاتب هذه السطور في هذه النقطة بالذات.

أخيراً / رسالة إلى أشباه ملوك وقراصنة مواقع التمييز الجغرافي:

فرغم التباهي بالأنساب النقية نجد أن من الإنصاف بمكان التذكير بأن عدن قد عرفت التمازج والانصهار طيلة تاريخها ولم تأت عملية تحديد الهويات وتحديد خارطة تفصل بين من ينتمي ومن لا ينتمي إلا من خلال أبواق مأجورة وبأجندة أمنية معروفة سلفاً لتجعلنا ننسى الطبول التي تقرع سيمفونيات العنصرية المبنية على لون البشرة ونتجاوزها في حديثنا عن جماعة شوفينية عنصرية مناطقية تفتك بنسيج المجتمع في سبيل تثبيت دعائم ارتزاقها من الفتات, ومن هؤلاء من يحترف الكتابة في السر مُعلقاً على مقالات الكُتاب دون أن يتجرأ ويذكر اسمه الحقيقي وله مواقف مُسبقة صاغها في عبارات يرددها كالببغاء ويجعلها في رسائل وردود , بل يتجاوز ذلك الأمر لينتحل شخصية الكاتب بغرض الإساءة والتجريح والاستنقاص والازدراء فيتوارى خلف جهاز يرسل من خلاله سمومه وأحقاده ويغذيه في ذلك الجهل أوهاماً سوف تجني عليه وتُحمله من الأرق ما لا يُطيق إن استمرأ في غيه ولن ينفعه حينها التمترس خلف وشاح اللون الأزرق ؟؟؟  فالأحرار وحدهم من يعشقون النور ويبثونه ليرى الآخرون الطريق السوي أما الجبناء وحدهم لا يعيشون إلا في الظلام .. فهل يدرك هؤلاء هذا؟

* كاتب يمني متخصص في شئون الوحدة القومية .