ثورة الشباب بين مطرقة النظام وسندان المعارضة
بقلم/ د. عادل عبد القوي الشرعبي
نشر منذ: 13 سنة و شهر و 20 يوماً
الإثنين 31 أكتوبر-تشرين الأول 2011 04:21 م

إن الإشكالية الأساسية التي واجهت اليمن ولا تزال منذ عام 1990 إنما تكمن في طبيعة العلاقة القائمة بين السلطة وأحزاب المعارضة ، تلك العلاقة الني اتخذت مسارات واتجاهات متعددة ومتنوعة جمعت ما بين التحالف أحيانا والصراع أحيانا أخرى ، وتحّكم في مضامينها ومساراتها عنصر المصلحة السياسية الضيقة التي لا تنظر إلى المصلحة الوطنية إلا من منظور المصلحة الحزبية الضيقة ، ومن ثم لم يتبلور مشروع وطني حقيقي يحمل هموم الجماهير اليمنية وتطلعاتها نحو مستقبل أفضل .

الأمر الذي جعل من سلسلة الحوارات التي جرت بين السلطة والمعارضة ، خلال أكثر من عقد ونصف من الزمن ، مجرد مناورات سياسية جوفاء لم تفض إلى تحقيق اتفاقات على الحد الأدنى –على الأقل - من الثوابت والأطر الوطنية .

ولعل القراءة الموضوعية لخبرة تلك الحوارات تؤكد بجلاء بأنها لم تفض إلى نتائج ملموسة ، بدليل وصول الأوضاع اليمنية إلى مرحلة متقدمة من الاحتقان السياسي والاجتماعي هيأت البيئة المناسبة لانطلاق ثورة الشباب في 11 فبراير 2011 ، والتي لم تكن مجرد محاولة لاستنساخ نماذج عربية أخرى – كما قد يطن البعض – وإنما انبثقت عن بيئة يمنية خالصة توافرت فيها كل شروط الثورة ، وان كنا لا ننكر أنها قد استلهمت تلك النماذج التي شكلت شرارة ثورية ألهبت حماس الجماهير اليمنية وعززت من ثقتها وقدرتها على التغيير الثوري السلمي .

ولا شك أن تلك الإشكالية ، السابق ذكرها ، ظلت قائمة حتى بعد انطلاق ثورة السباب الأمر الذي شكل عائقا أساسيا أمام سرعة انجاز الثورة وتحقيق أهدافها . فبعد أن وضعت الثورة النظام الحاكم في مأزق تاريخي يصعب الخروج منه ، وجد هذا النظام ضالته المنشودة في أحزاب المعارضة كي يعيد إنتاج نفسه من جديد عبر اسطوانة الحوارات السياسية والتي منحته الوقت الكافي كي يعيد ترتيب أوراقه السياسية من جهة ، ومحاولة تصوير الثورة على أنها مجرد أزمة سياسية بين السلطة وأحزاب المعارضة وبالتالي إمكانية تسويتها على قاعدة التوافقات السياسية ، من جهة أخرى .

وعلى ذلك مثلت استجابة أحزاب المعارضة للحوار مع النظام عائقا أساسيا أمام سرعة انجاز أهداف الثورة . صحيح أن تلك الاستجابة قد أسهمت في تعرية النظام سياسيا وأخلاقيا كونه استخدم ورقة الحوار للمناورة وكسب الوقت ليس إلا ، إلا أنها منحته مزيدا من القدرة على ترتيب أوراقه السياسية والعسكرية .

وينبغي ألا يفهم من التحليل السابق أننا نشكك في ثورية أحزاب المعارضة أو نتهمها بالتواطؤ مع النظام الحاكم ، فذلك أمر غير وارد ، لان أحزاب المعارضة قد قامت بدور أساسي – ولا زالت - في دعم الثورة ، ولكن ربما كان لها رؤية معينة تقتضي تعرية النظام سياسيا واستنزاف قدراته المادية والمعنوية بغية تقليل التكلفة البشرية للثورة ، وهي رؤية ربما كان لها مبرراتها خلال الأشهر المنصرمة من عمر الثورة ، لكن الوضع الحالي ، وبعد أكثر من تسعة أشهر من انطلاق الثورة ، لم يعد يحتمل مزيدا من الانتظار أو الجلوس إلى طاولة الحوارات فذلك أمر أصبح غير مجد ، في ظل تفاقم الأوضاع الاقتصادية وانهيار الأوضاع الأمنية ، والتي - بلا شك - ستمثل بيئة خصبة لنمو الأفكار والتوجهات المتطرفة ، والتي قد تفضي إلى تمزق النسيج الاجتماعي وتهديد الوحدة الوطنية .