خليجي 26: البحرين أول المتأهلين بعد فوزها على العراق والمباراة القادمة أمام اليمن فرار عشرات الطلاب من أكاديمية حوثية للتعليم الطائفي في صنعاء .. سقوط بشار يربك محاضن المسيرة الطائفية عاجل: صدور قرار لرئيس مجلس القيادة وكيل أمانة العاصمة يدعو وسائل الإعلام لمواكبة معركة الحسم بروح وطنية موحدة شاهد الأهداف.. مباراة كبيرة لليمن رغم الخسارة من السعودية مصادر بريطانية تكشف كيف تهاوى مخطط تشكيل التوازنات الإقليمية بعد سقوط نظام الأسد وتبخر مشروع ثلاث دول سورية توجيه عاجل من مكتب الصحة بالعاصمة صنعاء برفع جاهزية المستشفيات وبنوك الدم وتجهيز سيارات الإسعاف ما حقيقة خصخصة قطاعات شركة بترومسيلة للاستكشاف النفطية في اليمن أبرز خطوة رسمية لتعزيز الوسطية والاعتدال في الخطاب الديني في اليمن وزير الأوقاف يفتتح أكاديمية الإرشاد مدير عام شرطة مأرب يطالب برفع الجاهزية الأمنية وحسن التعامل مع المواطنين
أهم ما يميز السلفيين هو ادعائهم بأن النصوص الإسلامية من قرآن كريم وسنة نبوية صالحة لكل زمان ومكان، لكن ليحتفظوا هم وحدهم بحق التلاعب بالناسخ والمنسوخ، وحتى تبقى الكلمة الأخيرة لهم هم وحدهم، يقررون مستقبل الأجيال والأمم ويحتفظون بمراكز سيادية مقربة من ذوي السلطان الذي يغدق عليهم من نعم السلطة فيتقاسمون بذلك النفوذ والجاه بعد أن فشلوا في دراستهم ولم تقبلهم أي كلية سوى كلية العلوم الشرعية التي تكتفي بـ 50 % في معدل التوجيهي.
فهل حقاً أن جميع نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية صالحة لكل زمان ولكل مكان؟! ماذا مع النصوص القرآنية المنسوخة ؟ هل ما زالت صالحة رغم أن صلاحيتها قد انتهت منذ نزول آيات أخرى بدلت أحكامها، مثل حكم الخمر الذي تبدل ثلاث مرات؟!
لابد من التأكيد على أن الإسلام يحتل قيمة وجدانية عالية بين الناس لارتباطه بقيم جميلة مثل اجتماع إفطار رمضان أو الفوانيس للأطفال أو توزيع اللحوم والصدقات على الفقراء والمساكين أو احتواء الإسلام على أحاديث تنهى عن إيذاء الجار وإلخ، وكلها قيم لا شك جميلة تترك في النفوس عمقاً لا يمكن الاستغناء عنه أو تبديله.
لكن الأمر يختلف عند ظهور الجماعات الدينية السياسية التي ترتزق من الإسلام عبر فبركة وصناعة الفتاوى، فيستغفلون العامة عندما يلجأون للناسخ حيناً وللمنسوخ أحياناً أخرى، مثل قولهم أن " لا إكراه في الدين " بينما الأصح أن " الدين عند الله الإسلام".
لنبدأ مناقشة الصلاحية لكل زمان ولكل مكان. يقول الله في سورة النساء الآية 24 (وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا )، ولنشاهد تفسير الآية كما ورد في أمهات الكتب.
أولاً: تفسير ابن كثير
( عنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ قَالَ : أَصَبْنَا سَبْيًا مِنْ سَبْي أَوْطَاس وَلَهُنَّ أَزْوَاج فَكَرِهْنَا أَنْ نَقَع عَلَيْهِنَّ وَلَهُنَّ أَزْوَاج فَسَأَلْنَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَآله وَسَلَّمَ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة " وَالْمُحْصَنَات مِنْ النِّسَاء إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ " فَاسْتَحْلَلْنَا فَزَوْجهنَّ ) انتهى.
ألا تدل هذه الآية على أن القرآن لم يمانع اغتصاب نساء المهزومين في الحرب بقوله " فاستحللنا فروجهن " ؟! وكيف نقارن ذلك بالتشريعات والقوانين التي توصلت إليها البشرية بخصوص حقوق المدنيين تحت الاحتلال في اتفاقات جنيف والإعلان العالمي لحقوق الإنسان ؟! وماذا لو تخيلنا أن جنود الدولة الصهيونية سوف يطبقون التشريع القرآني على نسائنا في الضفة الغربية، سيما وأننا جميعاً رهائن لديهم ؟؟! وهل حقاً تعتبر الآية السابقة صالحة للقرن ال 21 مثلما كانت صالحة لدى عرب الجزيرة قبل 14 قرناً من الزمان ؟؟!
ثانيا: الطبراني
(عنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : كُلّ ذَات زَوْج إِتْيَانهَا زِنًا , إِلَّا مَا سُبِيَتْ ) انتهى، أي أن مواقعة السبية ليست زنا !!
النقطة المدمرة التي أشرت إليها في بداية المقال هي تجاهل تاريخية النصوص. أي أن أي نص هو ابن بيئته وابن زمانه وابن مكانه ولا يصح بأي حال تجاهل حراك بشري مخضب بالدماء والدموع طوال 14 قرناً من الزمان، لكي نأتي ونقول أن الإسلام يبيح اغتصاب نساء المهزومين في الحرب ! الذي يدعي هذا هم السلفيون الذين يصرون على صلاحية جميع النصوص لكل العصور، بينما المسلم العلماني الذي يؤمن بالله وبالقرآن، يفهم تماماً أن هذا النص قد تجاوزه الزمن بلا عودة. لابد من الإشارة إلى أن عرب ما قبل الإسلام كانوا يأخذون السبايا وكانوا يواقعهون.
لقد أضر السلفيون بالإسلام وبالقرآن أيما ضرر، وحتى في سلوكياتهم، فهم يصرون على معاداة المجتمع في لباسه وعاداته، فلماذا لا يرفضون الحديث في الموبايل ويرفضون ركوب السيارة مثلما يرفضون معجون الأسنان ويصرون على تنقيب النساء؟؟! لماذا يستخدمون الكمبيوتر والإنترنت وكلها من منجزات العلمانية الكافرة؟!
السلفيون والجهاديون طبقوا آيات القتل على اعتبار أنه جهاد، ففي العراق وفي الجزائر وفي دارفور، طبقوها ضد أناس يدينون بالإسلام، دون أي اعتبار بأن تلك النصوص جاءت في وقت انتشار الإسلام وبداية الدعوة وأن تعداد المسلمين اليوم مليار ونصف نسمة، وأن الإسلام ينتشر بالطرق السلمية بينما ما يفعله هؤلاء ينفر المسلمين من الإسلام فما بالك بغير المسلمين ؟!
هناك من النصوص في القرآن الكريم وفي الحديث الشريف لم يعد لها مكان في حضارة اليوم، وعلى السلفيين أن يكفوا عن إزعاج المجتمع وإشغال المفكرين والكتاب، لكي تتفرغ مجتمعاتنا لإصلاح التعليم وإنشاء أجيال غير مقولبة ولا معلبة، يمكنها من دخول حلبة المنافسات الدولية في شتى المجالات الإنسانية والثقافية والعلمية والاقتصادية.
دمتم بخير
*عن "الحوار المتمدن", العدد (3422), 2011/7/10.