قرارات جديدة في سوريا ..دستور وانتخابات و مرحلة انتقالية من 4 سنوات واتساب يضيف ميزة البحث العكسي عن الصور لتطبيق الويب الصور بعد الإعلان رسميا عن إصابته بسرطان البروستات.. نتنياهو يوجه رسالة إسرائيل تكشف عن 13 قياديا حوثيا وتنشر صورهم ضمن بنك أهدافها.. والمختبئون في الجبال من مقربي عبدالملك الحوثي تحت المراقبة دبلوماسية أمريكية تتحدث عن عملية اغتيالات لقيادات جماعة الحوثي وتكشف عن نقطة ضعف إسرائيل تجاه حوثة اليمن رئيس الأركان يدشن المرحلة النهائية من اختبارات القبول للدفعة 35 بكلية الطيران والدفاع الجوي هكذا تم إحياء الذكرى السنوية ال 17 لرحيل الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر بالعاصمة صنعاء مسيرات الجيش تفتك بقوات الدعم السريع والجيش السوداني يحقق تقدما في أم درمان محمد صلاح في طليعتها.. صفقات مجانية تلوح في أفق الميركاتو الشتوي حلف قبائل حضرموت يتحدى وزارة الدفاع والسلطة المحلية ويقر التجنيد لمليشيا حضرمية خارج سلطة الدولة
يبدو أن صالح - عقب موافقته على المبادرة - كان متحينا الفرصة لإخراج فيلم تراجيدي أو هندي جديد، سيكون دوره فيه البطل، والمعارضة الضحية، بيد أن الأخيرة كانت أذكى من مراوغات صالح بكثير هذه المرة – وبفضل الثورة - فقطعت عليه الطريق؛ إذ أجلت الرد على المبادرة حتى وافق هو عليها أولا، وبعد موافقته - ومن دون شروط - لحاجة في نفسه كان يريد قضاءها؛ وافقت المعارضة عليها بشروط: واحد منها خرب خطة صالح فكرة فيلمه الهندي ونهايته المأساوية التي كان يعد لها؛ وذلك عند تنازلها عن نصيبها في حكومة الوفاق الوطني إلى الحزب الحاكم. أما شرطها الثاني فقد تمثل في تصريح المعارضة بأنها لا تمثل صوت الشعب، إنما تمثل نفسها، لهذا لا تملك من أمر رحيل الشعب عن الساحات شيئا يذكر أو يصرح به، بل الشباب هم من يملكون ناصية الأمر، فهم مستعدون لأن يرحلوا النظام وهم قادرون على ذلك من دون ريب.
ومهما يكن من أمر فأن شباب التغيير أو الشعب اليمني لن يبرح مكانه ولن يرحل منه حتى يرحل صالح وكل عائلته؛ بل كان موقف الشباب متشددا جدا؛ إذ ابدوا استعدادهم لترحيل قيادات المعارضة إن قبلت بمبادرة لا تمثل مطالبهم، ولما كان قيادات المعارضة مهددين بالترحيل؛ مثلهم مثل صالح؛ فإنه عند ذلك يبقى من الصعوبة بمكان قدرة الأولى على إقناع الشباب بترك أماكنهم؛ لإيمان الشباب بأن بقاءهم هو الضمان الوحيد والأكيد لتحقق مطالبهم. إذا فقد سلمنا أنه ليس بمقدور المعارضة - ولا أي أحد - أن ترحل الشباب إلى بيوتهم، وعليه يبقى موقف المشترك من حكومة الوفاق، وقبولها بنسبة المشاركة وترأس الحكومة هو من سيوفر الغطاء لصالح حتى يخرج الفيلم الهندي، وثلاثين يوما كانت كافية لدقة الإخراج وحتى يجعل أحزاب المشترك تنتحر سياسيا، بإحداث الشرخ والانشقاق بينها وبين الشعب وهو الذي راهن عليه صالح في خطابه أمام مدرسة الشرطة.
لكن - وكما سلف - كانت المعارضة أذكى من صالح بكثير هذه المرة، وهي كذلك في كل مرة بيد أن صالح كان يستفرد بها من قبل حدوث الثورة بتأليب الشعب عليها؛ إذ كان رئيس الشغلات بامتياز، فكان بارعا في صنع الأزمات أو الجبهات من مثل جبهة الانفصال والحوثيين والقاعدة، وقد استطاع أن يدس المعارضة في تلك الجبهات، إذ كان في كل مرة يتهم المعارضة بأنها تقف إلى جانب الانفصاليين تارة والى جانب الحوثيين تارة أخرى، ولما جاءت الثورة ووحدت الجبهتين وجبرت الكسر الذي أحدثه صالح فيهما وجعلتهما في سلتها؛ فلم يبق لصالح ما يلعب عليه إلا تنظيم القاعدة ؛ إذ استطاعت المعارضة هذه المرة أن تقطع عليه أحداث الفيلم الهندي بتنازلها عن نصيبها في حكومة الوفاق الوطني ورئاستها؛ حيث كان سيلقي عليها كل العقبات التي ستقف في طريق تفعيل بنود المبادرة، وأولها وأصعبها ترحيل الشباب أو الشعب من ساحات الحرية وميادين التغيير.
وعندما أفشلت المعارضة خطة صالح وفوتت عليه إخراج الفيلم الهندي، شرع صالح بإخراج فيلم أمريكي بلوسي؛ وهذا الفيلم لا يتناسب معه إلا غطاء تنظيم القاعدة، وصالح قد بدأ يمهد لأحداث فيلم الإبادة بتصريحه عبر قناة (بي بي سي) اللندنية: إن تنظيم القاعدة الآن يتحرك داخل ميدان التغيير، وفي المعسكرات التي خرجت عن الشرعية، وهو – طبعا - يقصد الفرقة، وهذا التصريح على هذه القناة التي تحظى بمشاهدة جمهور كبير داخليا وخارجيا ويقصد إلى التأثير في الرأي العام، وهذا التصريح عبر هذه القناة يعد أفضل تمهيد لفيلم بوليسي لا يحتاج إلى كثير وقت لأخراجه، إذ كل وسائله متوفرة وفي أماكنها وعلى أهبة الاستعداد، ولم يبق على علي صالح وجنوده مواصلة التمهيد بإقناع الرأي العام بأن القاعدة قد نقلت غرفة عملياتها إلى الفرقة وميدان التغيير، وقد بدأه بذلك التصريح وعبر تلك القناة ويبقى على الإعلام الرسمي مواصلة ذلك الدور الرخيص؛ حتى يستطيع صالح إعمال آلته الحرية والعسكرية - لا ليضعنا في صورة حرب أهلية فالشباب غير مسلحين – بل ليضعنا في صورة حرب عدوان وإبادة قد وفر لها الغطاء الكافي ومهد له مسبقا.
فالمشكلة لم تعد فوضى أو غوغاء بل عمل تخريبي إرهابي يتصدره تنظيم القاعدة، وإلا ماذا يعني هذا التصريح الخطير، وأمام قناة مشهورة كالـ بي بي سي: إن تنظيم القاعدة يتحرك في ميدان التغيير - وهذا التحرك - طبعا - ليس لأن هذا التنظيم أدهشته وسيلة الشباب السلمية فترك السلاح واقتنع بأنه هو الآخر يستطيع الحصول على ما يريد عن طريق الاعتصام السلمي بل أنه؛ أي التنظيم يريد - بتصوره المضحك - أن يستغل هذه الثورة - وبتعبير صالح الفوضى الخلاقة - ليشرع بعملياته التخريبية وعند ذلك لا يمكن لصالح السكوت ولن يدعه يفسد في الأرض ويهدد أمن دول الجوار وما أبعد من الجوار، بل سيضربه بيد من صواريخ ومدافع ودبابات وقصف الطائرات، ولن يقف حتى يصفيه تمام حتى لو أدت تصفية هذا التنظيم إلى تصفية الفرقة وشباب التغيير، وحتى تنجح أحداث هذا الفيلم - دون توقف أو اعتراض - لا بد له من التمهيد وقد بدأ من صالح نفسه عبر قناة بي بي سي وعلى الإعلام الرسمي أن يكمل حلقات هذا التمهيد وحتى تؤتي الضربات أكلها وحتى تخمد الثورة والثوار.
والغريب في الأمر – حسب تعبير صالح – أن تنظيم القاعدة نقل غرفة عملياته من جنوب اليمن ومن صحراء مأرب إلى قلب العاصمة - جامعة صنعاء والفرقة الأولى مدرع تحديدا- وصالح هذه المرة - بحديثه عن تحركات القاعدة في قلب صنعاء - لا يريد أموالا ولا سلاحا، إنما يريد هذه المرة عدوله عن التنحي والتراجع عن قبوله بمبادرة الخليجيين، ولو كان الثمن غاليا جدا، وهو قصف اليمنيين بالدبابات والصواريخ والمدافع، ولعل هذا هو حديث التحدي الذي قصده صالح؛ بأنه سيكون تحدٍ خالٍ من الرصاص والدماء، فهل قصد أننا سنشاهد بديلا عن ذلك الصواريخ والأشلاء التي لا تترك فرصة لمشهد الدماء (!).
وأخيرا: هذا سيناريو محتمل وقوعه، وإن ذهب البعض إلى أنه تشنج شخصي من صالح نتج عن رفض المعارضة المشاركة في حكومة الوفاق - ليس لأنها لا تريد أن تلقي القسم أمامه - بل لأنها أفسدت عليه خطته. ومنهم من ذهب إلى أنها رسالة تهديد فحسب، لكن كل شيء متوقع من هذا الرئيس المزاجي والانقلابي الذي ينقلب على كل شيء وعلى كل الحوارات وعلى كل المبادرات، وحتى على كل الدول، ولا نملك إلا أن نقول: اللهم سلم البلاد والعباد من شر هذا العناد.