مظالم بيضانية..!
بقلم/ علي أحمد العمراني
نشر منذ: 14 سنة و أسبوع و 3 أيام
الأربعاء 15 ديسمبر-كانون الأول 2010 04:59 م

ذات مرة قال لي أحد الأطباء، إعملوا مشاكل كي تلفتوا نظر الدولة !..ومنذ ذلك الحين، وأنا لم أقتنع بتلك النصيحة "السحرية" أو العقيدة التي يعتنقها كثيرون، بل على العكس، فدائما ما نوصي الناس بالهدوء ونعتقد أن الإستقرار هو مفتاح الخير والتنمية للبلد..وكذلك فإن العكس صحيح أيضا، فالتنمية هي أساس الإستقرار وهي التي تجلبه وترسخه..تذكرت النصيحة التي صارت سحرية في عرف كثيرين وتجلب لهم الخير والفائدة، وتذكرت صاحبها قبل يومين عندما طُرِح في لقاء محدود لبعض أبناء المحافظة شأن الشباب والرياضة في المحافظة، وشحة الإمكانات وضعف البنية التحتية التي تخدم الشباب والرياضة، وكذلك الهضم الذي تعرض له فريق شباب البيضاء مؤخرا في إحدى المباريات، وقارنوا حالهم بما تم في حالة مماثلة، مع فريق جارتهم شبوة!.

وكم كنت سعيدا قبل أيام ونحن نشاهد فخامة الرئيس في زيارة لجارة أخرى للبيضاء، أبين، وهو بين المواطنين دون حواجز أو فواصل، ويوزع الحافلات على النوادي الرياضية، ويدشن مشاريع تنموية من ضمنها مشروع كهرباء بكلفة 47 مليون دولار ، لكن الذي ساءنا في البيضاء هو أن مشروع الكهرباء سيصل ويشمل مكيراس فقط، وهي إحدى مديرات محافظة البيضاء اليوم، وكانت تابعة لأبين فيما سبق،وسبق لمديرها الأخ محمد جحلان المطالبة، بفك الإرتباط مع البيضاء، إبعادا لمكيراس عن التهميش والظلم الذي تعاني منه البيضاء منذ زمن..!

الطبيب نفسه، المشار إليه أعلاه، كان من القادمين مع مجاميع الرئيس علي ناصر في عام 1986، وعمل بعد ذلك لبعض الوقت ضمن فريق الكشف الطبي على الطلاب الجدد في كلية الشرطة، وحدثني تكرارا أنه ذات مرة سأل مدير سابق لكلية الشرطة، ويحمل درجة دكتوراه، عن سبب ندرة أبناء البيضاء في كلية الشرطة، فرد عليه المدير الدكتور، بإجابة، لا تنم عن إدراك المدير الدكتور لأهمية العدل في ترسيخ الإستقرار، وفي الحياة كلها، وإنما عن قناعته واهتمامه بأهمية الإستحواذ الجهوي والهيمنة الذي ورثه النظام الجمهوري عن النظام الإمامي.. وليعذرني القراء عن عدم إيراد نص إجابة الدكتور المدير هنا، فإيراده بالنص، يتضارب مع قناعاتي الوطنية الراسخة، وإن كان ناقل الكفر ليس بكافر كما يقال..

قبل حوالي شهرين، كنت أحاول إلحاق طالب بجامعة صنعاء’ وفي سياق الحوار والإيضاح أبدى نائب رئيس الجامعة تعاطفا وتفهما، خلافا لرئيس الجامعة الذي قيل أنه يهتم بالشئون المالية أكثر من شئون الجامعة الأخرى، وقال النائب أنتم محقون في البيضاء فأنا عندما أسأل أثناء المحاضرات، من مِن البيضاء ؟ فنادرا جدا ما أجدا أيادي ترتفع، وقد تبين لي بالفعل إن الوضع يحتاج إلى تفهم !.

 قبل أكثر من سنة كنت عند وزير الكهرباء المهندس عوض السقطري، لأطرح عليه المشاكل التي نعاني منها من كهرباء الريف التي رحلت تنفيذ مشاريع كهرباء في البيضاء لصالح استمكال مشاريع كهرباء في مأرب من الطاقة الغازية..فقلت للوزير : مأرب كانت جزءا من البيضاء إلى عام 1974 وإذا أردتم توصيل مشروع الكهرباء إلغازية إلى بداية حدود البيضاء وتتوقفون فأنتم مخطئون.. فقال الوزير نريد أن نهدئ المناطق التي فيها إزعاج ومشاكل،هولاء يرمون الأبراج بالرصاص ويقطعون الطرق ..! ولعل الوزير استفزني، على الرغم من أنه شخص جدير بالاحترام وزميل أيضا، فقلت أنتم تفهمون لغة غريبة، وتتعاملون مع منطق القوة ، إذن وأهل البيضاء لن يسكتوا..!! فقال : يبدو أن الحال من بعضه... !

تلاشت وانتهت أزمة المشتقات النفطية في كل المحافظات، وبقيت البيضاء تعاني بشكل مستمر غير منقطع من أزمة المشتقات النفطية منذ شعبان إلى اليوم، وراجت سوق سوداء تراوحت فيها سعر الدبة ذات العشرين لتر بين( 2500 - 4000 ) ريال..وعلمت أن المحافظ بقي أسبوعا في صنعاء بهدف معالجة الأزمة دون جدوى، وحاول النواب ان يحلوا الأزمة ولم تحل، وتدخل رئيس مجلس النواب مشكورا بناء على طلب منا ولكن دون فائدة أيضا.. وسبق وتلقيت رسالة إليكترونية من الصحفي الشاب عبد الله السوادي حول أزمة المشتقات في المحافظة، ووصفنا الأخ عبد الله في رسالته تلك نحن نواب المحافظة بالنوم! وحيث أن الأزمة طالت ولم تحل بعد، فقد يبدو أن الأمر كذلك، وآمل ألا يكون كذلك!..قبل العيد قمت مع الزميل حسين بن حسين بزيارة مدير شركة النفط ووجدناه يصلي الظهر إماما بنائبه في مكتبه وتفاءلنا، ووعد بحل الأزمة وتواصلت معه بعد ذلك، ورد ذات مرة برسالة( sms ) مفيدا بأن وزير المالية وقع على زيادة مخصص المحافظة وأن الأزمة ستكون من الماضي..لكنه لم يرد علينا أبدا بعد ذلك.. كررنا زيارته فلم نجده وتركنا أرقامنا للتواصل، لكنه لم يتصل، ولم تحل الأزمة بعد. والمفارقة أن البيضاء وذمار يضمهم فرع واحد لشركة النفط ومقره في ذمار بالطبع ! وفي حين أن ذمار لا تكاد تعرف أزمة مشتقات النفط فإن الأزمة في البيضاء خانقة ومستمرة دون انقطاع.. وكثيرا ما يمون أهل البيضاء سياراتهم من ذمار وأنا واحد منهم..وصار من المألوف أن تشاهد السيارات تحمل النفط في دبات وبراميل من ذمار إلى البيضاء ...أليس يبدو أن الأمر يستحق الطرح كقضية عامة ويضاف إلى قائمة المظالم البيضانية..؟!

 أحد رجال الأعمال الكبار من خارج المحافظة، حضر ذلك اللقاء الرياضي في الأصل،واستغرب كثيرا المظالم التي تعانيها البيضاء وهي التي قدمت خيرة الرجال من أبنائها دفاعا عن الجمهورية التي يتربع على الكثير من مناصبها الهامة اليوم شباب لا يدرون كيف آلت إليهم الأمور، ويجهلون التضحيات الكثيرة التي جعلتهم يكونون كما هم عليه اليوم، ولولا تلك التضحيات، لكان غيرهم سيكون مكانهم، لكن ذلك الغير قد لا يكونوا مثلهم في التقصير واللامبالاة والإستهتار !.

أفهم أنني لم أشمل وأستكمل المظالم البيضانية كلها هنا، فما ذكر هنا غيض من فيض.. فمعذرة.. وأعلم أن تهمة المناطقية جاهزة وهي أشبه بالمكارثية في زمنها.. وغالبا ما يتبنى تلك التهمة ضد الغير، المناطقيون والطائفيون الحقيقيون المستمرؤون للظلم والتمييز منذ زمن!!.