اتفاق سعودي يمني على تأسيس شراكات في 4 مجالات واطلاق 6 مبادرات.. تفاصيل عاجل: واشنطن تدفع بمعدات عسكرية ولوجستية وجنود الى قواعدها العسكرية في مناطق سيطرة قسد اليمن تشارك فى المسابقات والاحتفالات السنوية للغة العربية فى اليابان الحوثيون يضعون موانئ اليمن تحت القصف الإسرائيلي الأمريكي.. خسائر بقيمة 313 مليون دولار تربية مأرب تتسلم فصولا إضافية لمدرسة الثورة في مخيم الجفينة للنازحين من الأمم المتحدة وسط تكتم شديد.. مصادر تكشف عن استهداف الطائرات الأمريكية ''فيلا'' وسط صنعاء مرجحةً سقوط قيادات من الصف الأول الحكومة الشرعية في اليمن تعلن عن أول تواصل واتصال مع الإدارة الجديدة في سوريا غارات هي الأعنف على صنعاء وغارة استهدفت جبل بالحديدة طقس جاف شديدة البرودة على هذه المحافظات خلال الساعات القادمة ضربة قوية تهز الهلال.. 6 نجوم على أعتاب الرحيل
بينما يدخل الرئيس الأميركي باراك أوباما فترة ولايته الثانية، يعاني العالم من حالة من عدم الاستقرار، حيث تعاني القوى الكبرى من أزمات اقتصادية أو تمر بحالات مختلفة من التحول أو الجمود السياسي. وعلاوة على ذلك، تشهد منطقة الشرق الأوسط اضطرابات سياسية، وتزداد حدة التوترات في قارة آسيا، كما تعاني المؤسسات الدولية – سواء الأمم المتحدة أو مجموعة العشرين أو الاتحاد الأوروبي – من حالة من الضعف والاختلال الوظيفي، وبات النظام الليبرالي العالمي الذي أنشئ بعد الحرب العالمية الثانية في مهب الريح.
وتمثل هذه اللحظة من حالة عدم اليقين وعدم الاستقرار فرصة للرئيس أوباما. وعندما دخلت الولايات المتحدة الحرب العالمية الأولى، قال الفيلسوف جون ديوي إن العالم يمر بـ«مرحلة بلاستيكية». واعتقد الكثير من التقدميين أن العالم الذي كان يعاني من حالة من عدم الاستقرار آنذاك يقدم فرصة للولايات المتحدة لكي تقوم بإعادة تشكيل النظام العالمي إلى شكل أفضل. وأدار الأميركيون ظهرهم لهذا التحدي، ثم عادوا له مرة أخرى بعد الانهيار الكارثي الثاني للنظام العالمي. واليوم، نمر بمرحلة بلاستيكية أخرى، وثمة فرصة فريدة أمام الرئيس أوباما لكي يقوم بتعزيز وتوسيع نطاق النظام العالمي الليبرالي الذي استفاد منه الأميركيون وكثيرون غيرهم في جميع أنحاء العالم.
وفي الحقيقة، لم يحقق أوباما كثيرا من الإنجازات خلال فترة ولايته الأولى، ولكن لكي نكون منصفين، فإن الأزمة الاقتصادية التي ورثها جعلت التركيز المستمر على السياسة الخارجية أكثر تحديا، حيث ورط سلفه الولايات المتحدة في الحربين اللتين ورثهما أوباما في الشرق الأوسط الكبير بتكلفة باهظة، سواء من حيث الأرواح أو التكلفة المادية أو سمعة الولايات المتحدة. وبدأ أوباما يستعيد هذه السمعة ويقوم بتفعيل الدوري الأميركي وتعميق مشاركة الولايات المتحدة في شرق آسيا.
ومع ذلك، لا تزال معظم التحديات الرئيسية على نفس المستوى، أو حتى أسوأ، مقارنة بما كانت عليه عندما تولى أوباما مهام منصبه: بدءا من عملية السلام المتوقفة في منطقة الشرق الأوسط والاضطرابات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط وحتى زحف إيران المتواصل باتجاه امتلاك سلاح نووي ووصولا إلى تنامي النفوذ الصيني بشكل كبير. وقد جعل انشغال الرئيس بحملته الانتخابية جزءا كبيرا من العالم يتساءل: أين الولايات المتحدة؟
وفيما يتعلق بكثرة الحديث عن تقلص الدور الأميركي، فإن أوباما في حقيقة الأمر في وضع جيد يؤهله للتأكيد على الزعامة الأميركية للعالم. ولو تمكن أوباما من التوصل إلى التسوية اللازمة مع الكونغرس لمعالجة الأزمة المالية الأميركية، يمكن للولايات المتحدة أن تظهر حينئذ كأحد أكثر الاقتصاديات العالمية نجاحا وديناميكية. وتتمتع الولايات المتحدة بمميزات فريدة من نوعها، حيث تشهد ثورة في مجال الغاز الطبيعي ستمكنها قريبا من أن تكون مصدرا صافيا للطاقة، علاوة على أنها تمتلك نظاما جامعيا متفوقا واقتصادا يتميز بالانفتاح والابتكار. وبالإضافة إلى ذلك، تظل الولايات المتحدة القوى العالمية الوحيدة التي لديها امتداد عالمي والقدرة الفريدة على تنظيم عمل دولي منسق، كما تعد المصدر الأساسي للأمن والاستقرار للدول التي تواجه تهديدات من جيرانها.
ولذا، فإن السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: كيف تستفيد الولايات المتحدة من هذه المرحلة البلاستيكية؟
في المجال الأمني، يجب أن يكون الهدف الأساسي لأوباما هو منع إيران من امتلاك سلاح نووي، لأن انهيار نظام منع انتشار الأسلحة النووية عقب نجاح إيران في امتلاك سلاح نووي سوف يكون له عواقب وخيمة على نظام الأمن الدولي، والعكس صحيح تماما، فلو نجح أوباما في كبح جماح تطلعات طهران النووية، فسيكون بذلك قد عزز نظام منع الانتشار النووي باعتباره ركيزة أساسية للنظام العالمي الليبرالي.
وفي شرق آسيا، يجب أن يكون الهدف الرئيسي لأوباما هو تعزيز نظام إقليمي يشجع القيادة الصينية الجديدة على تبني موقف سلمي وبناء، بعيدا عن الاعتماد بشكل أساسي على القوى العسكرية من أجل استمرار التنمية الاقتصادية والسياسية في الداخل وزيادة التكامل في الخارج. وسيتطلب هذا أيضا تعميق التحالفات الآسيوية للولايات المتحدة والقيام بدور رئيسي في دعم التعاون الإقليمي. وبالنسبة للهند، التي تعد أكبر ديمقراطية في العالم والقوى الأخرى الصاعدة في آسيا، فإن السنوات الأربع القادمة ستكون حاسمة في بناء علاقة يمكن أن تكون بمثابة ركيزة أخرى في نظام ليبرالي جديد.
ويتعين على أوباما القيام بمزيد من الإجراءات لتعزيز النظام الاقتصادي الليبرالي. وسوف يؤدي عقد اتفاقيات تجارة حرة مع منطقة آسيا والمحيط الهادي وأوروبا إلى زيادة الصادرات الأميركية وتعافي الاقتصاد العالمي، كما سيعمل على تعزيز التوافق في الآراء بشأن المعايير اللازمة لتعزيز التجارة الحرة والاستثمار. وسوف يساعد تشجيع تصدير الغاز الطبيعي الأميركي إلى الحلفاء الرئيسيين والشركاء في كل من أوروبا وآسيا على تقليل اعتمادهم على روسيا وإيران. وسوف تساعد الاستفادة من الطفرة النفطية الأميركية لتشجيع القيام بجهود أكثر فعالية لمواجهة تغير المناخ على تعزيز نظام عالمي أقل تلوثا.
سوف يتطلب تقوية النظام السياسي الليبرالي زيادة محاولات حشد الجهود لدعم الأنظمة الديمقراطية الناشئة. يتزايد النفوذ الاقتصادي لدول مثل البرازيل وإندونيسيا وجنوب أفريقيا وتركيا والمكسيك، لكنها تعاني كثيرا في طريقها إلى العثور على هويتها كقوى ديمقراطية على الساحة الدولية. وتتجه بعض تلك الدول نحو رؤية كونية تقوض بالفعل الطبيعة الليبرالية للنظام العالمي. في الوقت ذاته، اتخذت الدول ذات الأنظمة الديكتاتورية القوية مثل روسيا، مواقف تتناقض مع القيم الليبرالية فيما يتعلق بسوريا على سبيل المثال. إنهم بحاجة إلى إدراك أن المجتمع الدولي الديمقراطي مستعد للتحرك من دونهم. وفي ظل الثورات التي شهدها العالم العربي وقرب حدوث تغيير في ميانمار، يمكن القول إن الوقت قد حان لوضع الولايات المتحدة مرة أخرى في طليعة الحراك الديمقراطي العالمي. ليس هذا فقط لأن الديمقراطية تتوافق مع القيم الأميركية، بل لما للولايات المتحدة على مستوى العالم من مصلحة استراتيجية وسياسية واقتصادية في انتشار أنظمة ديمقراطية مستقرة ليبرالية. قد تكون الدول ذات الأنظمة الديمقراطية الناشئة نزقة وغير مستقرة، إلا أنها في النهاية دول داعمة قوية للنظام العالمي الليبرالي الذي يسعى إليه الأميركيون. وينبغي أن يفعل أوباما المزيد من أجل دعم الصراع العسير من أجل الديمقراطية في العالم العربي بما في ذلك حمل حكومة جماعة الإخوان المسلمين في مصر على الالتزام بالمعايير الديمقراطية، وقيادة محاولات إحلال الديمقراطية بسلام في سوريا. وينبغي ألا تتشكل علاقة أميركا بروسيا على أساس اتفاقيات السلاح، بل أيضا على أساس احترام رغبات وطموحات الشعب الروسي. وينبغي أن يعمل الرئيس على دعم تلك القوى التي تنادي بالتحديث الاقتصادي والسياسي في المجتمع الروسي.
أخيرا تحتاج الولايات المتحدة إلى استراتيجية عالمية، فهي لا تستطيع التركيز على منطقة واحدة مهمة على حساب ضرر أخرى. في الوقت الذي كان أوباما فيه محقا في زيادة الاهتمام الأميركي بدول آسيا والمحيط الهادي الحيوية، لا يوجد أي بديل آمن للدور الأمني الأساسي الذي تلعبه في الشرق الأوسط وأوروبا. هناك الكثير من الدول في الشرق الأوسط تتطلع إلى مساعدة وحماية الولايات المتحدة، لكن أوروبا أيضا تستحق استمرار الاهتمام الأميركي بها. يمكن تحقيق كل ما تريده الولايات المتحدة في العالم بشكل أفضل بمساعدة وتعاون الحلفاء الأوروبيين.
في نهاية الحرب العالمية الثانية قادت الولايات المتحدة جهود وضع نظام عالمي دولي خدم الأميركيين وأغلب دول العالم بشكل جيد رغم كل عيوبه. ومع استمرار الاهتمام الأميركي وتوزيع الأدوار والرؤية الواضحة لنظام عالمي متعدد الأقطاب تتجلى من خلاله القيم الليبرالية الأميركية والمثل التقدمية، تتجدد أمام أوباما فرصة تشكيل شؤون العالم لصالح الولايات المتحدة والبشرية مرة أخرى.
* إنديك، مدير شؤون السياسة الخارجية في معهد «بروكينغز».
وكاغان زميل في المعهد