خطورة تجفيف منابع التعليم الشرعي وغياب العلماء
بقلم/ محمد مصطفى العمراني
نشر منذ: سنتين و 8 أشهر و يوم واحد
الجمعة 22 إبريل-نيسان 2022 09:41 م
 

شاهدت بالأمس في اليوتيوب محاضرة لشيخنا العلامة عبد الرحمن قحطان ـ رحمة الله تغشاه ـ وقد تحدث فيها عن أهمية التعليم الشرعي وخطورة تجفيف منابع التعليم الشرعي في اليمن سواء بالاغتيالات التي حدثت لعشرات العلماء والدعاة أو من خلال تصفية مؤسسات التعليم الشرعي ، كما ذكر أن منابع التعليم الشرعي تجف أيضا بموت العلماء وعدم وجود مؤسسات متخصصة بتخريج العلماء إلا قلة قليلة من مراكز التعليم الشرعي وهي تتعرض لمضايقات عديدة .

وهذه حقيقة نجدها الآن في الواقع فالعلماء الكبار يموتون وبالمقابل لا يوجد من يخلفهم فخلال السنوات الماضية فقدت اليمن والأمة العشرات من العلماء الذين قدموا الكثير من الجهود العلمية والدعوية ولو احصينا من توفي من العلماء اليمنيين خلال السنوات الثلاث الماضية لوجدنا عددا كبيرا أكبر مما نتوقع ، كان أبرزهم على سبيل المثال شيخنا العلامة محمد بن اسماعيل العمراني ، وموت العلماء مؤشر على غياب القيادة الفاعلة والرشيدة للأمة وهو مصداقا لحديث رسول الله صلى الله عبيه وسلم الذي راوه عن عبدالله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله لا يقبض العلم انتزاعًا ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يُبْقِ عالمًا اتَّخذ الناس رؤوسًا جهالاً، فسُئِلوا فأفتوا بغير علم؛ فضلوا وأضلوا))؛ متفق عليه. لقد تعرضت مؤسسات التعليم الشرعي في اليمن والعالم الإسلامي إلى تآمر إقليمي ودولي ، ففي اليمن قامت الدول الكبرى من خلال البنك الدولي وصندوق النقد الدولي خلال العقود الماضية بالضغط على السلطات اليمنية لإلغاء المعاهد اليمنية كشرط لتقديم قروض جديدة لليمن وهو تدخل سافر في قرار وطني لا صلة له في القروض والجانب التنموي وللأسف رضخت السلطات حينها له وألغت هذه المؤسسة التي كانت تخرج شباب لديهم تعليم شرعي وتأهيل ليكونوا علماء .

كما يعلم الجميع ما حدث لمركز الحديث في دماج وتشريد طلابه وما حدث لجامعة الإيمان بصنعاء رغم أنها مؤسسة تعليمية مارست انشطتها تحت سمع وبصر الدولة وخرجت كوادر علمية مشهودا لها بالوسطية والاعتدال وخدمة المجتمع ببث خطاب إسلامي معاصر ومعادل، لكن الإشكالية أن بعض الجهات الإقليمية والدولية المعادية للإسلام ترى بأنهم يخرجون كوادر علمية وفكرية موالية للإخوان المسلمين وهو تيار مغضوب عليه من قبل الدول الكبرى وأدواتها في المنطقة وكذلك الجهات الدولية التي تقف خلف هذه الدول التي تحولت لأداة لمحاربة التوجهات الإسلامية والمؤسسات الشرعية وتجفيف منابع التعليم الشرعي بدواع وأسباب واهية لا تصمد أمام حجة أو منطق. وبمقابل هذه الحملة الممنهجة لتجفيف منابع التعليم الشرعية والحرب على العلماء والدعاة وتهميشهم والتضييق عليهم هناك توجه غربي لا محدود لدعم ما يسمى بـ " المنظمات المدنية " سواء كانت منظمات نسوية أو تنموية وهي في الحقيقة ليس لها من اسمها نصيب فهي التي تتخذ من لافتة " تحرير وتمكين المرأة " و" العمل الإنساني والتنموي " مجرد لافتة بينما لها مآرب أخرى ولا تقدم للمرأة سوى الأجندة الغربية المضادة للدين والحياء والقيم والمبادئ ولا تقدم هذه المنظمات للناس سوى الفتات ومع هذا تمارس التنصير وتسعى للتغرير بالنساء وتشجيعهن على الاختلاط والسفر بغير محرم والتحرر من كل القيم الأسرية والدينية .

كما تتزامن هذه الحملة الممنهجة لتجفيف منابع التعليم الشرعي مع حملات أخرى لتشكيك المسلمين بدينهم ورموزهم فيتم مهاجمة السنة النبوية والتشكيك بكونها مصدر للتشريع ويتم التهجم على الإمام البخاري والطعن في السنة النبوية والسخرية من العلماء والنيل منهم في وسائل الإعلام وتشجيع كل سفيه على السخرية منهم والاستهزاء بهم بما يتجاوز حدود النقد إلى التشهير والتجريح والسخرية منهم وتصويرهم كدعاة للتحريض والإرهاب والتطرف والتكفير وذلك ضمن مخطط غربي متكامل لأهداف لا تخدم الأمة .. فتنبهوا ..

نحن بحاجة إلى مؤسسات لتعليم العلم الشرعي وتخريج العالم الرباني العارف بعصره العامل بعلمه الورع التقي ، المتجرد لله ، البعيد عن كل حزبية وعصبية ، ولابد ان يقف المجتمع مع مؤسسات ومراكز تعليم التعليم الشرعي ماديا ومعنويا حتى لا تصبح الأمة بلا علماء وحتى لا يقودنا الرويبضات والسفهاء ويتحقق فينا ما ذكره الرسول صلى الله عليه وسلم : ((إن الله لا يقبض العلم انتزاعًا ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يُبْقِ عالمًا اتَّخذ الناس رؤوسًا جهالاً، فسُئِلوا فأفتوا بغير علم؛ فضلوا وأضلوا)).