بين الباشا والأفندم : برغم الغضب .. حكام بالغصب
بقلم/ ابو الحسنين محسن معيض
نشر منذ: 13 سنة و 10 أشهر و 18 يوماً
الأحد 06 فبراير-شباط 2011 05:05 م

ما زال الصراع مستمرا في مصر الكنانة بين جماهير رفعت لحاكمها شعار ( ارحل ) وبين حاكم رفع لهم كلمة الرفض ( لا ) .. وما بين الإصرار الشعبي والعناد الرئاسي ما يزال كلا الفريقين في مكانه .. الشعب يقطن ميدان التحرير ولا ينوي مغادرته إلا بعد رحيل مبارك .. وهو لا يريد مغادرة كرسيه إلا بعد انتهاء فترة حكمه والباقي منها 6 أشهر ليقوم خلالها مشكورا بعمل الإصلاحات اللازمة والكفيلة بتحقيق الخير للناس حيث أن الفترة التي مضت من حكمه ( 30 عاما ) لم تكن كافية للتفكير بإصلاح شيء وبرغم تأكيد زعامات العرب أنها تعمل من اجل مصالح شعوبها وخدمته فأنها لا تستجيب هنا لرأي الملايين منه ؟ لأن هذه الخدمات مرتبطة بمصالحها الخاصة فان توافقت كانوا خداما لمصالحهم باسم شعوبهم وان تنافرت تقدمت مصلحتهم على مصالح الملايين من الشعب الغلبان المسكين ..

ولقد حملت كلمة رئيسنا اليمني حينما أكد على إمكانية حدوث الفوضى وان اليمني مستعد للدفاع عن ماله وعرضه بدون انتظار الأمن أو الجيش ليحميه حملت نفس المعنى في كلمة رئيس مصر حينما قال : (( انه لا يريد الحكم ولكنه يخشى من الفوضى بعده )) وهي دعوة مبطنة مخيفة أن تقاتلوا بعدنا وتناحروا وذلك جزاء تفريطكم فينا وسيكون المعتدي هو عينه الحامي بالأمس القريب ..

فنقول لصاحبنا لا تهددنا بالفوضى وما تنوي فعله بنا من الرعب والدمار .. فقد عشنا أثناء حكمكم الفوضى .. والفساد .. والخوف .. وما خفي كان أعظم وذلك نتيجة لعدم تقديركم لكثير من الأمور !! فشعبنا اليمني شهم وكريم ولا يعني حمله للسلاح بأنه قاتل ومعتد أو متعطش للدماء ومحب للحرام بل إن تلك الخاصية ستكون رادعا لمن تسول له نفسه من ضعفاء الدين وعديمي الرجولة بالاعتداء على أرواح الناس وأموالهم .. فحفظ البلاد وأمن العباد ليس مرتبطا ببقائك أو خروجك فأرنا من نفسك عملا آخر يكون فيه الخير العظيم .. مضت اثنتان بعد الثلاثين رياحا وتريد في اثنتين فقط إصلاحا !!

وفي مصر بدأت الرموز الوزارية بالتساقط لتكون كبش فداء للطاغية .. كانت بالأمس تنحني لها الجباه وتخضع لها الرقاب واليوم ستقدم للعدالة ذليلة مهانة .. وهي بشرى عاجلة لنا .. فرموز فساد اليمن بعدك يا ارض الكنانة . . والقول بان الحاكم أجير عند الأمة فهي تنصبه وهي تعزله لم يعد قولا عتيقا يتحدث عن امة أخرى لأن الشعوب اليوم أثبتت أنها قادرة على عزلهم وانه قد فاض بها الكيل من كثرة ترديدها لكلمة أمرك سيدي .. حاضر سيدي .. وبدلا عنها دوى صوتها الجهوري ارحلوا عنا

ومن خلال الأيام الماضية يتبين مدى تشابه وسائل حكامنا في فن التعامل مع الأزمات ودقة إدارة البلاد أثناء المواجهات من خلال :

1 ـ التنازل عن كثير مما كان يعد بالأمس من الثوابت ومما لا يفرط فيه مطلقا وأبدا

2 ـ الخطاب الاستعطافي وبيان مدى اهتمامهم بمصالح الناس والمن بما قدموه لهم من خدمات سابقة

3 ـ إبطان التهديد والتخويف من الغد المجهول إذا خرجوا من الحكم وغادروا البلاد

4 ـ عدم الوضوح في الإصلاحات المطلوبة وتقديم الضمانات اللازمة للتنفيذ وفق برنامج زمني محدد

5 ـ حب الكرسي وعدم نية التنازل عنه ولو تطلب ذلك كثيرا من المعاناة لأبناء الوطن وسفك دمائهم

6 ـ إلقاء الحجة على قوى خارجية وجماعات تحمل أجندات ومخططات مدروسة لإثارة الفتنة في البلد

7 ـ تجنيد من يشتريهم المال أو يخيفهم التهديد للخروج في مسيرات هزلية ضعيفة للمطالبة ببقاء حاكمهم وشتان بين هدير ملايين النساء والرجال وبين نجوى الأيامى والأطفال ..

8 ـ احتكارهم للوطنية .. فالوطن لا يصلح لحكمه إلا هم لأن غيرهم عملاء .. والمواطن الذي يخرج مهللا لهم هو المثالي وأما غيرهم فأهل فوضى وفتنة ومغرر بهم من قبل قيادات تختبئ في الظلام

9 ـ عنادهم في رفض الواقع وتقبل المصير .. فبرغم الأصوات المليونية إلا أنهم لا يستجيبون !!

10 ـ الاستخفاف بعقول الناس .. يعدهم بعمل المستحيل خلال وقت وجيز وهو لم يعمل السهل خلال الوقت الطويل .. ولو فرضنا صدق توجهكم فعقلية كهذه لا تصلح أن تكون حاكمة لنا بعد اليوم أبدا !

11ـ حيادية الجيش وعدم تدخله لحسم الأمور لصالح الوطن والمواطن فأصبح يمارس حماية الحدود على أرضيات شوارع المدن بين فريقين من الشعب ونسي مهمته الأساس طرد الطغاة وحماية الناس

ـ تعددت أوراقهم التي يلعبون بها أمام الرأي العام فمن التنازلات والخطاب الرقيق الذي يحمل الدعوة للشراكة إلى التخويف من الغد المجهول ومن إلقاء القبض على بعض الكروت المحترقة لتقديمها للمحاكمة والعدالة إلى استخدام الأمن والبلطجية لإثارة الرعب في قلوب المتظاهرين وإثارة الفتنة والمصادمات بين أبناء الشعب الواحد بحجة تصاعد اختلاف الرأي بين مؤيد للحاكم ومعارض له . وما زال جراب الحاوي مملوء بالحيل والخدع والألاعيب وفي مقابله يبقى الشعب صامدا في الميادين في انتظار سيد كريم عفيف يحقق العدل والخير والمساواة ..

وحتى ذلك الحين ستبقى يا سيدي .. غصبا عنا .. رئيسا لنا