محمد السعدي: المرحلة القادمة تستلزم شراكة وطنية حقيقية لكل الفئات والقوى
بقلم/ متابعات
نشر منذ: 13 سنة و 5 أشهر و 26 يوماً
السبت 25 يونيو-حزيران 2011 07:26 م

حاوره لـ إيلاف/ غمدان اليوسفي: الأمين العام المساعد للتجمع اليمني للإصلاح الدكتور محمد السعدي

أولا نبدأ من آخر المستجدات على الساحة سياسيا وهي زيارة مساعد وزيرة الخارجية الأميركية جيفري فيلتمان لليمن، ولقاءكم به.. إلى أي مدى يمكن الحديث عن مساهمة زيارة فيلتمان في الخروج من الواقع الحالي وحلحلة الوضع؟

زيارة فيلتمان هي كما قال لنا في الاجتماع، تأكيد لموقف الولايات المتحدة الأميركية على ضرورة النقل السريع والفوري والسلمي للسلطة، وقد أجرى حديثاً معنا ومع الحزب الحاكم وكذلك مع الفريق عبد ربه منصور هادي القائم بأعمال الرئيس، وأكد بجلاء لنا كما أكد أيضا للأطراف الأخرى في السلطة أن مفتاح الحل للوضع في اليمن هو البدء بنقل السلطة حتى تكون الخطوة التالية تشكيل حكومة وحدة وطنية، وتتحمل الأطراف السياسية مسؤوليتها في التغيير.. هذه هي الخلاصة ربما لزيارة فيلتمان.

ألم يتم مناقشة كيفية نقل السلطة؟

كان هناك حديثاً حول كيفية نقل السلطة في ظل الغموض حول الحالة الصحية لرئيس الجمهورية الذي زاد الأمر تعقيدا، لأن النقطة المتأخرة باعتبارها مدخل الحل هي النقطة المتعلقة بتوقيع الرئيس صالح على المبادرة الخليجية. ويعتبر الأشقاء والأصدقاء في المجتمع الدولي أن المبادرة أصبحت ذات تأييد دولي، وبالتالي يمكن إجراء تعديل في الإجراءات، ولكن لا يرون إصدار مبادرة أخرى جديدة للحل.

لكن ما هي الكيفية لتطبيق المبادرة الآن إذا كانت هي الحل الأوحد الذي ترونه؟

الحديث حول الكيفية مرتبط بالحالة الصحية، والحل يكمن في حالتين: إذا كانت حالة الرئيس الصحية تسمح بالتوقيع فيجب عليه التوقيع، وإن كانت حالته لا تسمح فيجب أن يصدر تقرير طبي يصف حالة الرئيس بالعجز ليتم بعد ذلك الانتقال إلى الحالة الدستورية والمادة الدستورية التي تتحدث عن نقل السلطات في حالة العجز.. هذا هو الإطار الذي دار الحديث عنه والمناقشة حوله.. وذهب فيلتمان على أساس طرح الكيفية لنقل السلطة، أما نقل السلطة فقد أصبح محل إجماع كل الأطراف.

زار فيلتمان السعودية بعد اليمن، هل أوضح فحوى هذه الزيارة ومدى ارتباطها بما يدور في اليمن؟

لم يعدنا فيلتمان بشيء محدد ولكنه تفهم وجهة نظر المعارضة في الإسهام في الكيفية التي سيتم بها نقل السلطة، والتي تتضمن استقالة الرئيس بناءً على المبادرة الخليجية. وقد تم تأكيد هذا الأمر قبل التوقيع من قبل الحزب الحاكم وأحزاب المعارضة ولكن حدث ما حدث في مرحلة ما قبل حادث جامع النهدين، وحصل التأخير.

وأريد أن أورد هنا الكلام الذي قاله لنا أحمد بن دغر الأمين العام المساعد للمؤتمر الشعبي العام في لقاء ضمنا معه في منزل نائب الرئيس حيث كانوا مجتمين في نفس اليوم الذي وقع فيه الحادث بجامع النهدين. وقال إنه كان قد تحدد يوم الثلاثاء الساعة العاشرة صباحا التوقيع على المبادرة الخليجية بحضور سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي، وعبدالله بن آل نهيان وزير خارجية الإمارات، وكلّف صالح وزير خارجيته أبو بكر القربي بالتواصل معهما لحضور هذا التوقيع، وإن الرئيس لم يشترط حضور المعارضة، وكان سيتم إبلاغها من باب الدعوة البروتوكولية من أجل التوقيع وهي ليست مجبرة على الحضور، وطبعا وقع الحادث وتغيرت الظروف والأوضاع.

بمعنى إن الطرف السعودي كان يعرف بهذا؟

السعودية إما أنها كانت تعرف بهذا، أو إن وزير الخارجية أبو بكر القربي كانت قد كلف بإبلاغ الأمر للسعودية قبل صلاة الجمعة التي وقع فيها الحادث.

إذا ألا يفترض أن تعلن السعودية ذلك وتدعو الأطراف لإنجاز الأمر طالما كان قد حسم مع أركان نظام الرئيس وتم الاتفاق على التوقيع؟

نعم يفترض هذا، وهذا الكلام طبعا لأحمد بن دغر القيادي البارز في الحزب الحاكم كي لا يكون هناك أي لبس في الأمر، ونحن نرى إن هذه المبادرة قد تم التوقيع عليها من طرفي اللقاء المشترك والحزب الحاكم، وكان بحضور الرئيس وهو الذي امتنع عن التوقيع ثم كما أخبرنا بن دغر إن الرئيس كان سيوقع الثلاثاء، ولكن وقع ذلك الحادث الذي نجدد إدانتنا له واستنكارنا وندين ونرفض العنف في التعامل بين فرقاء العمل السياسي وهو مرفوض في مفردات العمل السياسي.

وماذا عن زيارة مستشار الرئيس الدكتور عبدالكريم الإرياني ولقائه بالرئيس كما أعلن؟

الإرياني أحد الرجال الوطنيين الذين يعلق عليهم كثير من السياسيين آمالا كثيرة ولا شك أن تحركه محل رضا الكثيرين ومحل أمل في الإسهام وقد أسهم الدكتور الإرياني في مراحل سابقة بمواقف وآراء وجهود مقدرة ومثمنة لدى قيادة المعارضة، وأملنا في أن يأتي أمر سريع في التنفيذ ومفيد للشعب اليمني.

هل نقول إن أولاد الرئيس هم العقبة أمام التوقيع وتنفيذ المبادرة الخليجية؟

أولاد الرئيس ليسوا طرفا، التوقيع كان مطلوباً من الرئيس نفسه وما حدث من تأخير كما قلنا هو الذي راكم الأزمة وزاد من تعقيداتها، والحدث المفاجئ في المسجد أوصلنا إلى حالة الغموض من ناحية صحة الرئيس ومن ناحية أخرى حول فك عقدة التوقيع من جانبه.

إذا يدور الحديث عن المبادرة الخليجية كحل نهائي أمامكم في المعارضة؟

هي مدخل لحل متاح ومحل إجماع ونحن لا نريد أن نقف ضد الإجماع الدولي.

يطرح البعض أنكم ربما أخطأتم الحسابات فيما يتعلق بالعامل الخارجي ونفذتموها بطريقة صحيحة في السياق المحلي.. هل صحيح هذا المنطق؟

بالعكس، نحن في تعاملنا السياسي نكاد نكون على تواصل دائم مع المجتمع الدولي سواءً من قبل السفارات أو من قبل الوفود التي تقدم إلى اليمن من ممثلي الأمم المتحدة والسفراء الأوروبيين وغيرهم، وتكاد تكون أرضية المعلومات أرضية واحدة لدى الأطراف، وسبقنا الحزب الحاكم على الحلول الدولية سواءً المبادرة الخليجية أو في التوقيع عليها، ونحن كنا حريصين على أن ننزع الغطاء الذي تبحث عنه السلطة لممارسة أي عنف، وبالتالي، كنا سباقين في الجانب السياسي ولم يكن بيننا وبين المجتمع الدولي أي تباين أو أي خلاف، في تصورنا للحل أو في إجراءات هذا الحل.

نحن كان لدينا ملاحظات على المبادرة الخليجية الثانية، وحين أصر الإخوان في الخليج على أن تقبل المبادرة في صيغتها تلك قبلنا بها قبل الحزب الحاكم، لأننا نبحث عن مخرج سياسي ونتحرك بمسؤولية.

هل كان هذا المخرج السياسي سيلغي ما يطلق عليه الشرعية الثورية؟

نحن نعتبر أنفسنا داعمين للعمل الثوري، وأي عمل ثوري يحتاج لوجه سياسي. ولو رجعنا إلى التاريخ المتصل بالثورة لوجدنا إن هناك فعلا عدد من الشباب المستقلين وكذلك الحزبيين هم من بدأوا الاعتصامات. لكن الثورة لم ترتقِ إلى المستوى الذي تتحدى فيه السلطة إلا عندما التحقت بها الأحزاب، وشباب الأحزاب نزلوا إلى الساحات ورابطوا هناك طوال اليوم، وبالتالي الممارسة السياسية التي مارستها قيادة أحزاب المشترك كانت مكملة للفعل الثوري في الميادين وكان الجميع حريصاً على أن لا تنزلق الثورة إلى العنف الذي تحاول السلطة أن تجر هذه الثورة إليه. وتم تفويت الكثير من الفرص على السلطة في استخدام العنف وذلك عن طريق العمل السياسي، واستطاع العمل السياسي في الساحات أن يكيف الثورة تكييفا كليا في الخط السلمي.

إذا لماذا هذا الغضب عليكم من قبل بعض الشباب في الساحات؟

نحن نثمن غضب الشباب ونعتبره زخماً ثورياً ينسجم مع طبيعة وقوة ثورة الشباب، وبالتالي نحن حريصون على مثل هذا الزخم، وتسخير هذا الغضب لخدمة أهداف الثورة.

في حال نفذت المبادرة الخليجية كمخرج آمن للبلد.. هناك مخاوف من بقاء أبناء الرئيس في مناصبهم لفترة مؤقتة.. صحيح أنه من الصعب نزع كل هذا العدد، لكن ألا تخشون من التفاف أبناء الرئيس على المبادرة وعلى المكون الجديد في حال حصل ذلك؟

أنا لا أظن أن أولاد الرئيس يعتبرون عائقا أمام المبادرة الخليجية، لكننا نرى أن هناك جزء من الحكم اختار العنف كوسيلة، واقترف جرائم مباشرة وكان مسؤولا عنها.. كان يجب على السلطة أن تكشف عن نتائج تحقيقاتها وأسماء وتوجهات الذين أمروا بارتكاب مجزرة الكرامة التي كانت عبارة عن فاجعة كبيرة لها. حتى الآن مضى قرابة ثلاثة أشهر ولم تظهر نتائج التحقيقات ولم يتم تسمية المجرمين، الذين قاموا بالتدبير والتخطيط والتنفيذ لهذه المجزرة.. مجزرة تعز أيضا وحريق الساحة، ومجازر في عدن والحديدة ومحافظات أخرى.. هذه المجازر تم التعامل معها بشيء من الغبن وشيء من إخفاء الحقائق من قوى نافذة وتم التظليل على المجتمع بهذه الأحداث ولم يتم إظهار الحقائق، ولذلك الغضب القائم الآن على هذه القوى سواء كانت أقارب الرئيس أو من يناصرونه بالعنف وليس المناصرين السلميين.. الذين استخدموا العنف يجب أن يكشف عنهم الغطاء وأن يحالوا للمحاكمات، مهما كانت قرابتهم، لأن هؤلاء هم من يسببون الفعل المؤزم للأوضاع وإخفاء القتلة الذين ينبغى أن يكشف الغطاء عنهم.

إلى أي مدى يمكن تصديق أقارب الرئيس بأنهم ضباط محترفون ويأتمرون بأوامر القادة السياسيين؟

أتمنى أن يكونوا صادقين وأن يطيعوا أوامر القيادة السياسية الراهنة الممثلة بعبدربه منصور هادي، وأن ينفذوا الأوامر المتعلقة بإزالة المظاهر المسلحة من أمانة العاصمة وبقية المدن كما قال لنا هو في اجتماع ضمنا به، وفتح الطرقات وتوفير الخدمات والمشتقات النفطية، نتمنى من هذه الكيانات العسكرية تنفيذ تلك الأوامر.

لماذا لا يأتمر عبدالله قيران مدير أمن تعز بأوامر نائب الرئيس ولازال يذيق المدينة صنوف العنف والخراب والرعب؟

هناك أبعاد سياسية وأخرى أمنية وإدارية، ويفترض أن يكون هذا الرجل تابعا لوزارة الداخلية، والحاصل الآن إن هناك صراع قوي وأن الذين يستخدمون القوة، يستخدموها بغرض إذلال الناس وإرعابهم وإثبات الذات بالطريقة العنيفة.

الذي أخبرنا به عبدربه منصور إنه وجه بوقف إطلاق النار من جميع القوى التي تمارس إطلاق النار، فهل قيران متمرد على هذه الأوامر؟.. منطقيا إذا لم يتم تنفيذ الأوامر يجب التعامل معه كمتمرد.. نحن في المعارضة نتعامل مع عبدربه على أنه رئيس بالنيابة حتى تتم عملية تحويل السلطة رسميا.

كم التقيتم بعبد ربه منصور؟

التقينا به مرة واحدة، كما التقى بالقيادي العسكري علي محسن والشيخ صادق الأحمر وشقيقه حميد الأحمر.

ماذا دار في تلك اللقاءات؟

كل من يلتقي بالنائب يطلب منه أن يمارس حقه الدستوري وأن يكون هناك عمل سياسي من أجل تنفيذ الأعمال المتعلقة بالجانب الأمني وتعاون السلطة والمعارضة في إنقاذ البلاد من التدهور. وفي حال استمر الوضع كذلك فإن الانهيار قادم لا محالة.. الكل يتجه لدعم النائب كمسؤول أول لهذه البلاد.. والكل حريص على منع التدهور، وتوفير الخدمات، وتحقيق السكينة الاجتماعية.

هل ترون إن عبد ربه هو رجل المرحلة الحالية؟

هو قدره أن تأتي هذه الأحداث وهو في الموقع الدستوري، المرحلة تحتاج إلى تعاون الجميع، لم يعد بإمكان جهة أو حزب أو كيان أن يقوم لوحده في سد هذه الفجوات الكبيرة، لذلك وافقنا على المبادرة الخليجية لأن أول عمل فيها هو تشكيل حكومة وحدة وطنية وبالتالي الجميع سيشارك في هذا النجاح الذي سيتحقق للقيادة السياسية سلطة ومعارضة في هذه المرحلة.

موضوع أزمة الوقود من يتحمل مسؤوليتها بعد أن أصبحت خانقة للبلاد كلها؟

نريد أولا أن ننوه بما قاله وزير الصناعة بأن إطلاق النار من مسلحين في محطات الوقود هو الذي يتسبب بالأزمات ومخاوف الناس، وهذا الخبر يدين السلطة ولا يبرئها، لماذا لا تنزل هي لحماية الناس وفرض النظام؟، هناك حديث إن هذه الدوريات الأمنية هي من تذهب لأخذ البنزين بالقوة وتبيعه في السوق السوداء.

وماذا عن المنحة السعودية من النفط؟

تم استلام الجزء الأول منها لكن الآلية التي وزعت بها غامضة، ولا نستبعد أن تكون ذهبت للمعسكرات كما تقول بعض المصادر. والذي نؤكده هنا إن هناك أزمة والسلطة هي المسؤولة عن حل هذه الأزمة وهي من تقدر عليها.

منذ نزل الناس إلى الشارع قبل أربعة أشهر.. هل ترون أن هناك إنجازا تحقق بفعل النزول للشوارع؟

طبعا هناك إنجاز وهو كبير جدا. الإنجاز الأول يتمثل في بروز الوعي لدى المجتمع اليمني وبصورة إيجابية وأظهر أنه يستطيع تحقيق أهداف الثورة بشكل سلمي دون الحاجة لاستخدام العنف والقوة.. اليمنيون الذين كان يخافهم العالم بأنهم سيستخدمون السلاح في فض نزاعاتهم أثبتوا بأنهم لا يحتاجون للسلاح بينما السلطة هي من استخدمت السلاح والعنف والإبادة الجماعية والعنف الجماعي، أما اليمنيون فقد أثبتوا أنهم يثوروا من أجل الكرامة، ومن أجل الحرية، رغم توفر ظروف أخرى للثورة كثورة الجوع وثورة التمايز الطبقي والاحتكار للقوة باسم الشعب واحتكار الثروة وطغيان الفساد.

ومن ضمن الإنجاز أيضا اجتماع الكيانات المتناحرة والمتباينة في الساحات تحت عنوان التغيير.

هل ألغى الشارع اليوم ورقة التوريث التي كانت أهم وجوه الأزمة؟

ورقة التوريث لم تعد موجودة في العالم العربي الآن بعدما سقطت في مصر وكان شعارا مطروحا، وسقطت في اليمن وستسقط في سوريا، وستسقط في ليبيا وستسقط في الجمهوريات التي انحرفت عن مسارها الجمهوري إلى مسار التوريث.. هذه الورقة سقطت منذ الأيام الأولى وقد تم الإعلان عنها رسميا من قبل الأطراف التي كانت تسعى لصنعها.. ونذكر الخطاب الشهير الذي ألقاه الرئيس في مجلس النواب في الثاني من فبراير حول ما سمي بتصفير العداد وإعادة الترشيح كورقة.. كل شيء انتهى الآن.. الثورات حين تخرج وتكون ممثلة لكل فئات الشعب لاشك أنها تصنع خرائط جديدة فكرية وسياسية وثقافية، وتتبنى مستقبل مختلف عما هي عليه راهنا.

هل انتهت مهمة هذه الساحات الآن؟

بالعكس، مرت الساحات بمنعطفات.. هناك جهود بذلت واستنفدت طاقات، وكان هناك إجهاد، لكن مع الأيام الأخيرة تم استعادة وهج هذه الساحات، وستقوى في الأيام القادمة، وينبغي أن تشرف الساحات على تحقيق أهدافها حتى لو تم توافق وتم تشكيل حكومة وحدة وطنية، ينبغي للساحات أن تكون ضاغطا على هذه السلطات حتى تحقق الأهداف المنشودة.

يدور الحديث عن مخاوف من سيطرة حزبكم "التجمع اليمني للإصلاح" من السيطرة سواء على الساحات أو على الواقع السياسي في حال تمكن من ذلك.. هل يقبل الواقع السياسي إدارة الطرف الواحد؟

لا .. قطعا، نحن أكدنا في أكثر من مناسبة إن المرحلة القادمة تستلزم شراكة وطنية حقيقية لكل الفئات والقوى، وبالتالي قرار الإصلاح الداخلي إنه لا يمكن أن ينفرد في المرحلة القادمة حتى ولو أفرزت الانتخابات الشفافة والنزيهة تقدم الإصلاح أو قدرته على التسيير منفردا، وبالتالي فالحاجة إلى الشراكة من وجهة نظري لا تقل عن عشر سنوات قادمة بين الشركاء السياسيين، ولا نعني بهذا إلغاء المعارضة ولكن نقول إن المعارضة يجب أن تؤدي وظيفتها كداعم وكشريك فعلي لتحقيق ما يعود بالنفع على اليمن بشكل عام، وأن تمارس عملها على أنها ستكون الحاكم في المرة القادمة والعكس أيضا.

الأخطاء التي تراكمت في الأحزاب السياسية السابقة في اليمن وخارجها هي أنها تحكم وتصر على إنتاج ذاتها في الانتخابات القادمة، ثم تحكم، ثم تحكم، وتعلن للناس عمليا إنها حاكمة دائمة وأن المعارضة دائمة.. نحن نريد أن نجرب المعارضة وأن نجرب الحكم.

معنى هذا أيضا أنكم تحرصون على بقاء الحزب الحاكم في العمل السياسي؟

نعم.. لسنا نحن في حزب الإصلاح بل المعارضة بشكل عام، ولذلك نحن قبلنا المبادرة الخليجية التي تقول إن أول حكومة يجب أن تكون مناصفة بين السلطة والمعارضة، ونحن نعتقد إن في المؤتمر شخصيات وطنية لديها خبرة وممارسة يحتاجها اليمن في المرحلة القادمة، والإقصاء هو واحد من الأسباب الذي راكم الأزمات، وأوصلنا إلى ما وصلنا إليه.

لو عدنا إلى الواقع.. من يدير البلاد الآن؟

للأسف البلاد ماشية بقدرة الله.. نحن نؤمن بقدرة الله، لكن هناك غموض في من يدير البلاد أو من تظهر صورته أمام الناس.. هناك أجهزة أمنية، وتشكيلات تفرض نفسها في بعض المواقع والمناطق، هناك تسيب وغياب في كثير من المفاصل، وهناك أعراف في كثير من المناطق الريفية، وهناك لجان تسمي نفسها لجان شعبية.. تجد أن هناك تعدد في القيادة والسيطرة سواءً لأحياء أو لمناطق أو لمحافظات، وبالتالي السائد هو الغموض وليس هناك عنواناً محدد تستطيع أن ترسل إليه بأنه هو الحاكم الذي يحكم البلاد، هناك أيضا توقف في الحركة الاقتصادية وبالتالي جزء كبير من حياة الناس لا يدار لأنه متوقف، وهذا ناتج عن توقف الخدمات وتوقف المشتقات النفطية الذي أدى أيضا لتوقف الزراعة.

ألا تخشون من القادم في ظل هذا الوضع؟

كلنا يجب أن نتحمل مسؤولية حيال هذا الوضع المخيف جدا، لأنه أضيف إلى الفساد والانفلات الأمني والعصابات الانهيار الاقتصادي وهروب رؤوس الأموال واختفاء الضابط الأمني وإغلاق المؤسسة الرسمية ليكون الوضع معقدا ومخيفا. من هنا ضرورة التركيز على الإسراع في نقل السلطة وبطريقة سلمية، وملء الفراغ السلطوي الحاصل الآن من غياب الرئيس ورئيس البرلمان والحكومة ومجلس الشورى.. هذه الكارثة أضافت إلى كارثة اليمن كارثة جديدة وإن لم يحدث إصلاح سريع فإن الإنهيار الكلي آت لا محالة.

*الدكتور محمد السعدي - الأمين العام المساعد لحزب التجمع اليمني للإصلاح.